في الأشهر الأخيرة، شهدت عدة دول سقوط حكومات — بعضها بانقلابات مدنيّة، بعضها بخلافات وسط المعارضة البرلمانيّة أو الخلافات الداخلية في الائتلاف الحاكم. هذا التقرير يستعرض ثلاث حالات مميزة من هذه الانهيارات، تحليل أسبابها، آثارها، والدروس التي يمكن استخلاصها منها.
---
الحالات الثلاث
1. نيبال: احتجاجات جيل Z تُطيح بالحكومة
ما حصل: تحوّلت احتجاجات ضخمة نظّمها شباب يسمّون أنفسهم “جيل Z” إلى حراك شعبي ضخم ضدّ الفساد والقمع، بعد أن قامت الحكومة بحظر عدة منصّات وسائط اجتماعية، وهو ما أثار غضبًا شديدًا بين الشباب.
النهاية: استقال رئيس الوزراء ك. ب. شارما أولي؛ تمّ تعيين سوشيلا كاري رئيسة مؤقتة للحكومة.
الأسباب: تراكمات الفساد، خيبة الأمل من الأداء الحكومي، البطالة، ضعف الرقابة والمساءلة، واستعمال القوانين (مثل الحظر على السوشال ميديا) بطريقة تُعتبر قمعيّة.
الآثار: العنف في الشوارع، خسائر مادية، تغييرات سياسية فورية، انعكاسات على الثقة في المؤسسات، وإمكانية تحول الحكومة المؤقتة إلى انتخابات مبكرة.
---
2. هولندا: تفكك ائتلاف بسبب الخلاف حول سياسة الهجرة
ما حصل: انسحب حزب “الحزب من أجل الحرية” (PVV) بقيادة غيرت فيلدرز من الائتلاف الحاكم، احتجاجًا على رفض الشركاء دعم مقترحات صارمة في الهجرة، مثل حدود للاستقبال، قيود على لم شمل العائلات، إلخ.
النهاية: استقالت الحكومة، وأُعلن عن انتخابات مبكرة في 29 أكتوبر 2025.
الأسباب: التوتر على السياسات الاجتماعية الحساسة كاللجوء والحدود، ضعف التوافق بين الشركاء في الائتلاف، وإشكالية حصول أغلبية واضحة في البرلمان تدعم السياسات المقترحة.
الآثار: حالة من عدم الاستقرار الحكومي حتى إجراء الانتخابات، تأثير على السياسات الداخلية والخارجية، ورفع التوقعات من الناخبين لكيفية تعامل الحكومة القادمة مع ملفات الهجرة واللجوء.
---
3. البرتغال: سقوط الحكومة بعد أزمة الثقة
ما حصل: الحكومة التي يقودها لويس مونتينيغرو فقدت تصويتًا على الثقة في البرلمان إثر اتهامات بصراع مصالح تتعلق بأعماله العائلية. الحكومة كانت حكومة أقليّة تعاني من ضعف الدعم البرلماني.
النهاية: الإعلان عن انتخابات مبكرة في 18 مايو 2025، مع بقاء الحكومة الحالية في وضع تصريف أعمال حتى تشكيل حكومة جديدة.
الأسباب: ضعف شرعية الحكومة في البرلمان، قضايا متعلقة بالنزاهة، استياء المعارضة والعامة من أخطاء سياسية، وصعوبة تحقيق ائتلاف مستقر.
الآثار: تكرار الانتخابات يزيد من استنزاف ثقة الناخبين، التأخر في تنفيذ السياسات الضرورية، وارتفاع التوتر السياسي بين الأحزاب المختلفة.
---
مقارنة عامة وعوامل مشتركة
العامل نيبال هولندا البرتغال
الشرعية الشعبية تراجع كبير، احتجاجات واسعة مخاطرة بسبب سياسات مثيرة للانقسام ضعف شرعية من البداية كحكومة أقليّة
التماسك الداخلي للائتلاف هشّ، الخلاف مع الجمهور الخلافات واضحة بين أحزاب الائتلاف التحالف لم يكن قويًا ماليًا أو سياسيًا
قضايا حسّاسة حرّية التعبير والفساد والاقتصاد الهجرة واللجوء النزاهة والمصالح الشخصية
الآليات الدستورية/البرلمانية استقالة رئيس الوزراء بعد الاحتجاجات الانسحاب من الائتلاف وانتخابات مبكرة تصويت عدواني بالثقة وفشل الحكومة
---
الدروس المستخلصة
1. الحوار والمساءلة ضروريان: وجود قنوات لمحاسبة الحكومة وسماع احتجاجات المواطنين يقلّل من اندلاع الأزمات الكبيرة.
2. أهمية الحكومات المستقرّة: الحكومات التي لا تتمتع بأغلبية برلمانية قوية تكون عرضة للطعن بسهولة، خصوصًا عند وجود خلافات حول سياسات مصيرية.
3. الشباب محرك فاعل للتغيير: خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، الشباب قادر على التحشيد السريع والتأثير على السياسات أو على استقالة زعماء.
4. الحسّاسيات السياسية تتطلب حِكَمًا واسعة: قضايا مثل الهجرة، اللامساواة، حقوق الإنسان، النزاهة غالبًا ما تكون بؤرًا للصراع السياسي، وتتطلب توافقًا أو قبولًا واسعًا.
5. المؤسسات يجب أن تكون قوية ومستجيبة: ضعف القضاء، الإعلام، أو الرقابة يعزز شعور الظلم ويزيد من فرص الاحتجاجات أو فقدان الثقة.