في ظل تداول تعليمات شفهية صادرة عن السلطات المحلية بعدد من المدن والأقاليم المغربية تقضي بمنع مظاهر عيد الأضحى لهذا العام، مثل ذبح الأضاحي وبيع الأكباش وتسويق الفحم والأعلاف، برزت تساؤلات قانونية بشأن مشروعية هذه التعليمات والأساس الذي يمكن الاستناد إليه لمحاسبة المخالفين.
وفي هذا السياق، أوضح المستشار القانوني أمين الفتحي أن تقييد الشعائر الدينية أو الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بها لا يمكن أن يتم إلا عبر قرار إداري مشروع ومُعلن، تتوفر فيه شروط المشروعية من حيث الشكل والمضمون.
وأكد الفتحي، في تصريح لصحيفة "صوت المغرب"، أن القرارات الشفهية تعتبر استثناءً قانونيًا محدودًا لا يُعتد به إلا في حالات استعجالية قصوى، كتلك المرتبطة بمخاطر تهدد السلامة أو الأمن العام، مشددًا على أن أي متابعة قانونية لا يمكن أن تُبنى على تعليمات غير مكتوبة أو غير منشورة، لما في ذلك من إخلال بمبدأي العدالة والشفافية.
قرار إداري… أم تقييد غير مشروع؟
وأشار الفتحي إلى أن القانون المغربي يُلزم الجهات الإدارية باحترام مبدأ المشروعية، خاصة عند إصدار قرارات تُقيد الحريات أو تمنع ممارسة شعائر دينية. وأوضح أن أي قرار من هذا النوع يجب أن:
يصدر عن سلطة مختصة؛
يكون مستندًا إلى أساس قانوني أو تنظيمي واضح؛
يكون مكتوبًا ومعلّلًا؛
ويُنشر رسميًا ليُحتج به على الأفراد.
وأضاف أن الاجتهاد القضائي المغربي اعترف بصحة القرار الشفهي فقط في حالات ضيقة ومُقيدة بشروط، مثل وجود تهديد حقيقي للسلامة العامة أو الصحة أو النظام العام، مع ضرورة التناسب بين القرار والظرف المؤقت الذي صدر فيه.
غياب المشروعية يضعف المتابعة
وفي ما يتعلق بإمكانية متابعة المخالفين، شدد الفتحي على أنه لا يمكن تحميل المواطنين المسؤولية أو متابعتهم قانونيًا بسبب بيع الأضاحي أو الفحم أو الأدوات المرتبطة بالشعيرة الدينية، ما لم يكن هناك قرار إداري معلن ومبني على أساس قانوني واضح. وأشار إلى أن أي قرار إداري يفتقر لهذه الأسس يمكن الطعن فيه أمام القضاء الإداري بسبب تجاوز السلطة أو عيب في الشكل أو السبب.
تعليق رسمي للأنشطة المرتبطة بعيد الأضحى
جاءت هذه التعليمات الشفهية في أعقاب دعوة رسمية من الملك محمد السادس إلى عدم ذبح الأضاحي هذا العام، بسبب تأثير الجفاف وتراجع أعداد القطيع الوطني. وقد نُقلت الدعوة في رسالة تلاها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، مساء الأربعاء 26 فبراير 2025.
وأوضح الملك في رسالته أن دعوته تأتي استنادًا إلى المصلحة الشرعية ومبدأ التيسير، ورفعًا للحرج عن المواطنين في ظل الظرفية الراهنة، مستشهدًا بقوله تعالى: "وما جعل عليكم في الدين من حرج".
ودعا المغاربة إلى إحياء العيد بما يحمله من معانٍ روحية واجتماعية، مثل صلاة العيد، والتكافل، وصلة الرحم، والصدقات، مؤكدًا على جوهر المناسبة الديني والإنساني رغم غياب الذبيحة.
إجراءات على الأرض
وبحسب مصادر متطابقة، تلقى عدد من الباشاوات والقياد عبر التراب الوطني تعليمات شفهية تقضي بمنع مظاهر العيد، من ضمنها:
حظر بيع الأضاحي في المحلات والضيعات؛
منع عرض الأعلاف والتبن؛
حظر بيع الفحم المخصص للشواء؛
منع نشاط شحذ السكاكين في الأماكن العامة.
ويطرح غياب القرار المكتوب والمنشور تحديًا قانونيًا أمام السلطات في حال أرادت متابعة المخالفين، حيث يرى عدد من الخبراء أن تنفيذ العقوبات دون مرجعية قانونية صريحة يشكل خطرًا على مبدأ دولة القانون ويعرض هذه التعليمات للطعن القضائي.